ما ان كتبت مقالة انتقد فيها تصرفات احد الذين قفزوا علی ظهورنا وظهر جاليتنا الكريمة لعقود من الزمان ونصبوا انفسهم "قادة" لنا ولجاليتنا، بالرغم من اننا لم ننتخبهم ولم يستشيرونا في هذه المسالة المهمة، حتی قامت الدنيا ولم تقعد. فما ان نشرت لنا العنكبوت الالكترونية مقال ينتقد ممارسات السيد جمال الريفي علی مدی العقد الماضي، حتی انهالت علي وعلی صاحب العنكبوت مكالمات من كل حدب وصوب بعضها معاتب وآخر مرعد مزبد مهدد لنا بالويل والثبور ان لم نعد عن "غينا" ونعتذر عما ارتكبناه من "هجاء" لصاحب الظل العالي
لم يزد ما كتبناه في ذاك المقال عن نقد موثق لتصريحات مهينة بحق ابرياء هربوا من ظلم اوطانهم اطلقها السيد الريفي ووصفهم فيها بالمهاجرين غير الشرعيين وانه سيعمل من خلال نشاطه في اللجنة الاستشارية في وزارة الهجرة علی وقف تدفقهم لمنع تخطيهم للصفوف. وذكُرنا القارئ بالمواقف السابقة للسيد الريفي والتي كانت في مجملها معادية لمصالح الجالية وابنائها، كدليل علی الاجندات المخفية التي جاءت بالسيد الريفي الی اللجنة الاستشارية وهو لا يعرف في قضايا اللاجئين الكثير. والا فكيف يقفز السيد وزير الهجرة عن خبراء في مجال اللجوء والهجرة والهجرة غير القانونية من امثال د. محمد الجابري او المحامية عبير حمدان او وغيرهم من العاملين في هذا المجال ليعين السيد الريفي؟
المثير للاشمئزاز هو سيل الانتقادات التي وجهت لنا لاننا تخطينا كل الخطوط الحمر في نقدنا العلمي الموثق لكل ما ادعيناه من سلوكيات للسيد الريفي. بل ان بعض المعاتبين من "قيادات" الجالية غير المنتخبة قد خرج عن ادبيات الديمقراطية ولياقاتها ووجه لنا كلمات لم نستطع الا رفضها ومواجهتها بالحجة والمنطق والدعوة للاحتكام للعبة الديمقراطیة وآلياتها المعروفة
ما خضناه خلال الاسابيع الماضية كان وصمة عار في جبين كل من يدعي التنطح لقيادة الجالية واعادة للجالية الی عشائرية بغيضة حسبنا اننا طوينا صفحتها بمجرد وصولنا الی هذا البلد الجميل وانغماسنا في لعبته الديمقراطية حسب اصولها
خلال الاسابيع الماضية اكتشفنا لماذا ما زلنا كجالية نتخبط في مشاكلنا ومآسينا لا نعرف لها حلا
فقيادات الجالية غير المنتخبين والذين سمح الكثير منهم لانفسهم "بسحل" الجالية الی مسلخ الحكومات العنصرية، والذين فعلوا ذلك علانية وعلی رؤوس الاشهاد وامام كاميرات التلفزيونات الاسترالية والعالمية دون "احم او دستور" ودون مشاورة احد من الجالية، طالبونا ان لا نكتب أي نقد حتی نستشيرهم وناخذ الاذن منهم
وقيادات الجالية التي لم ينتخبها احد، تساءلت "بحزم" عن الجهة التي اعطتنا الحق بالدفاع عن الجالية والوقوف ضد كل من يحاول سحلها وجلدها من اجل تحقيق اجندات سياسية لاحزاب باتت معروفة. فمن اعطاهم الحق بتمثيلنا "رغما عن انوفنا" ثم اعطاهم الحق بالمشاركة في سبنا وقدحنا وانكار انجازاتنا كجالية لا ندري لماذا لا يعطينا نفس الحق في التمثيل من اجل الدفاع عن انجازاتنا وحقوقنا الديمقراطية
حيرنا منطق هذه "القيادة". فمرة يزاودون علينا بضرورة السماح لمن هب ودب ان ينتقد الجالية ويكيل لها كل اشكال الذم والقدح لان ذلك هو مربط فرس الديمقراطيات الغربية التي يحق فيها لاي انسان بانتقاد ايا كان، ان التزم بشروط النقد الايجابي البناء البعيد عن التطاول والتجريح والتجني غير القائم علی دليل. وعندما نقوم بنفس العمل بتوجيه انتقادات لبعض المسيئين للجالية، نواجه بالقدح والذم والتجريح وبسؤال عمن اعطانا الحق في ممارسة حقوقنا الديمقراطية
نؤمن ان الديمقراطية الاسترالية يجب ان تطبق علينا جميعا بغض النظر عن اصولنا او أي عادات ورثناها عن قبائل داحس والغبراء
ولذلك فقد قلنا لكل من اتصل بنا معاتبا او مهددا ان للديمقراطية سيفا مسلولا لمنع الفوضی ايضا. فالسيد الريفي له الحق كاملا بالطعن بما سقناه من انتقادات له ولسلوكه المعادي للجالية. وقد شرحنا لهم ان للسيد الريفي حقا اما بالرد علينا بمقال يبين فيه رايه بالانتقادات التي اوردناها والبينات التي تثبت ارائه. كما ان للسيد الريفي الحق في رفع قضية امام المحاكم ان كان يعتبر ان ما سقناه من آراء ما هو الا اكاذيب للتشهير به
وقد فاجئنا السيد الريفي انه يرفض الانصياع لمتطلبات الديمقراطيات الغربية وانه يفضل العودة الی ديمقراطيات عشائر داحس والغبراء وحل الموضوع عن طريق عقد صلحة عشائرية تنتهي بتبويس لحی و"يا دار ما دخلك شر
ان ما يؤسف في الموضوع برمته هو استفحال ازمة القيادة في الجالية، والتي تعززها في كثير من الاحيان ممارسات الحكومات الفيديرالية والمحلية المشجعة لديمقراطية العشائر داخل الجالية
فالحكومات الاسترالية مسرورة جدا من تولي اميين واشباه اميين لقيادة الجالية، يكون من السهولة بمكان السيطرة عليهم وتوجيههم لخدمة اجنداتها، بدلا من خدمة اجندات جاليتهم. كما ان تولي هؤلاء لقيادة الجالية سيبث الياس والقنوط في صفوف مثقفي الجالية ويدخلهم في متاهات الصراع من اجل انتزاع حقوق الجالية مما سيؤدي بالكثير منهم الی الاستسلام والجلوس في منازلهم علی مبدأ "وهل يصلح العطار ما افسدته الحكومات
رفضت طوال حياتي حتی قبل الوصول الی هذا البلد الجميل وبشدة الاحتكام لديمقراطية العشائر والجلوس امام زعماء القبائل انتظارا لانهاء الخلافات بتبويس لحی. وما زلت ارفض هذا المستوی الرجعي في معالجة الامور، وخصوصا المهمة منها
ومن لا يعجبه، فعليه اما ان يلجأ للديمقراطية الاسترالية او للعودة الی مضارب داحس والغبراء واستدعائي الی مجالس "حق العرب
ندرك ان الحضارة الانسانية يجب ان تتقدم الی الامام دائما، وليس العكس. وبالرغم من اننا لسنا ضد حضارة احد، الا اننا لن نسمح ان نكون وسيلة لاخذ الحضارة الی الوراء وصولا الی عار داحس والغبراء
واللبيب من الاشارة يفهم
(يمكنكم قراءة مقالتي التي سببت الضجة العشائرية علی http://jamaldaoud.blogspot.com/2009/12/blog-post.html(